الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح لمعة الاعتقاد
213484 مشاهدة
توسط مذهب أهل السنة

أما مذهب أهل السنة فإنهم متوسطون بين ذلك، ومتوسطون بين الوعيدية من الخوارج والمعتزلة ونحوهم، وبين المرجئة مرجئة الفقهاء ومرجئة المعتزلة أو المعطلة؛ يكونون وسطا بينهم.
قالوا: إن المعاصي .. تضر وإنه لا بد أن يكون هناك عقاب، إلا أن يشاء الله، وإن الله تعالى توعد عليها بوعيد شديد مع كونها دون الكفر، فتوعد على بعضها بالنار، وتوعد على بعضها بالغضب.
فمثلا: توعد على أكل الربا مع أنه من المعاصي بقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ هذا ما ذكره إلا أنهم يأكلون الربا، وأنهم لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، وأنهم قالوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ومع ذلك توعدهم بالنار.
وكذلك في الأحاديث التي وردت في لعنهم كقوله: لعن الله آكل الربا وموكله واللعن الطرد والإبعاد من رحمة الله.
كذلك أيضا توعد الله على آكل مال اليتيم إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا وهذا أيضا وعيد، ما ذكر لهم إلا أنهم يأكلون أموال اليتامى ظلما؛ فتوعدهم بهذا الوعيد.

وكذلك توعد على التولي يوم الزحف في قول الله تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ فتوعدهم على هذا مع كونهم جاءوا لقتال المشركين، ولكنهم انهزموا فتوعدهم بهذا الوعيد.
وكذلك توعد على رمي المحصنات بالزنا كذبا في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ إلى آخر الآيات.
وهكذا الكثير من المعاصي ورد فيها وعيد؛ فدل على أن المعاصي تضر، وأنها قد تسبب دخول النار.
فمعتقد أهل السنة أن العصاة إذا كانت معاصيهم دون الكفر ودون الشرك فإنهم متوعدون؛ فإما أن يعفو الله تعالى عنهم ولا يعاقبهم، وإما أن يعاقبهم بالنار وإذا دخلوا النار فإنهم على اعتقاد أهل السنة إذا كانوا من أهل التوحيد لا يخلدون فيها، وإنما يعذبون بقدر ذنوبهم، هذا معتقدهم.
دليل ذلك قول الله تعالى. إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ما دون الشرك يغفره إذا شاء.