اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح لمعة الاعتقاد
200950 مشاهدة
توسط مذهب أهل السنة

أما مذهب أهل السنة فإنهم متوسطون بين ذلك، ومتوسطون بين الوعيدية من الخوارج والمعتزلة ونحوهم، وبين المرجئة مرجئة الفقهاء ومرجئة المعتزلة أو المعطلة؛ يكونون وسطا بينهم.
قالوا: إن المعاصي .. تضر وإنه لا بد أن يكون هناك عقاب، إلا أن يشاء الله، وإن الله تعالى توعد عليها بوعيد شديد مع كونها دون الكفر، فتوعد على بعضها بالنار، وتوعد على بعضها بالغضب.
فمثلا: توعد على أكل الربا مع أنه من المعاصي بقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ هذا ما ذكره إلا أنهم يأكلون الربا، وأنهم لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، وأنهم قالوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ومع ذلك توعدهم بالنار.
وكذلك في الأحاديث التي وردت في لعنهم كقوله: لعن الله آكل الربا وموكله واللعن الطرد والإبعاد من رحمة الله.
كذلك أيضا توعد الله على آكل مال اليتيم إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا وهذا أيضا وعيد، ما ذكر لهم إلا أنهم يأكلون أموال اليتامى ظلما؛ فتوعدهم بهذا الوعيد.

وكذلك توعد على التولي يوم الزحف في قول الله تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ فتوعدهم على هذا مع كونهم جاءوا لقتال المشركين، ولكنهم انهزموا فتوعدهم بهذا الوعيد.
وكذلك توعد على رمي المحصنات بالزنا كذبا في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ إلى آخر الآيات.
وهكذا الكثير من المعاصي ورد فيها وعيد؛ فدل على أن المعاصي تضر، وأنها قد تسبب دخول النار.
فمعتقد أهل السنة أن العصاة إذا كانت معاصيهم دون الكفر ودون الشرك فإنهم متوعدون؛ فإما أن يعفو الله تعالى عنهم ولا يعاقبهم، وإما أن يعاقبهم بالنار وإذا دخلوا النار فإنهم على اعتقاد أهل السنة إذا كانوا من أهل التوحيد لا يخلدون فيها، وإنما يعذبون بقدر ذنوبهم، هذا معتقدهم.
دليل ذلك قول الله تعالى. إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ما دون الشرك يغفره إذا شاء.